مباشر

عاجل

راديو اينوما

ositcom-web-development-in-lebanon

أزمة المحروقات: بين طبقةٍ سياسية متخاذلة وشعب مذلول، لا حل في الافق!

25-08-2021

تقارير

سليم العلية

<p>موقع اينوما</p>

None

هي الايام تنصرف، والوعود تتبخر، والشعب اللبناني لا يزال منهمكا في معاناته اليومية التي لا تكاد تنتهي، هذا كله في ظل طبقة سياسية عاجزة عن الإصلاح.

منذ ١٧ تشرين الاول ٢٠١٩، ولبنان يشهد ازمة اقتصادية  وسياسية غير مسبوقة  في تاريخه.  أسباب عديدة، نذكر منها الفساد الإداري، والسياسات المالية العشوائية، والإصرار على تجاوز القوانين، وانفجار الرابع من آب المشؤوم كلها ساهمت في تفاقم هذه الأزمة.

 

من بداية الأزمة، أقيم عدة محاولات لإعادة إنعاش لبنان، مثل تشكيل حكومة حسان دياب في ٢١ كانون الثاني ٢٠٢٠، على اساس انها مكونة من مستقلين وذوي اختصاص. بالاضافة الى الطلب من سفير لبنان لدى ألمانيا مصطفى أديب تشكيل حكومة إنقاذ بموجب المبادرة الفرنسية.

كل هذه المحاولات اصطدمت بحائط مسدود نتيجة تعمد المنظومة على افقار شعبها. استقالت حكومة دياب في ١٠ آب ٢٠٢٠ بعد انفجار المرفأ، وبعد حوالي سنة لم تشكل حتى الآن حكومة بموجب المبادرة الفرنسية: اعتذر أديب، ومن ثم الحريري، وآخر المعلومات تشير إلى اتجاه ميقاتي نحو الاعتذار.

 

وتفاقمت الأزمة التي من أبرز نتائجها الحتمية هو فقدان العملة اللبنانية قيمتها ، وارتفاع أسعار السلع والمحروقات. هذا ما دفع مصرف لبنان لاتباع سياسة دعم، وفتح الاعتمادات على سعر صرف ١٥٠٧ او ٣٩٠٠ ليرة للدولار الواحد من خلال احتياطه بالعملة الصعبة.

 

وتمكن مصرف لبنان من ابقاء سعر تنكة البنزين على حوالي ال٢٣ ألف ليرة، نتيجة سياسة الدعم هذه، وبالتالي تخفيف الأعباء على المواطن اللبناني.

 

وعلى الرغم من فوائد دعم مصرف لبنان، لا يمكننا نكران همجية هذه السياسات، وعدم دراستها بتمعن، ففتحت الباب امام احتكار التجار للبضائع وتخزينها في مخازن غير شرعية، او تهريبها الى سوريا لتحقيق أرباح هائلة في ظل شبه غياب الرقابة الامنية.

 

ومع قرب نفاذ احتياطي مصرف لبنان، اتبع البنك المركزي "سياسة تقنين" لفتح الاعتمادات الخاصة بالغاز والمحروقات فلم يعد المخزون المتوفر يكفي حاجة السوق المحلي، فكانت مظاهر طوابير الذل أمام محطات الوقود.

 

لذلك، قرر مصرف لبنان رفع الدعم تدريجيًا عن المحروقات، وفي نهاية حزيران، راح يفتح الاعتمادات على سعر صرف ٣٩٠٠ ليرة للدولار الواحد، اي حوالي ٦٠ الف ليرة لتنكة البنزين الواحدة. نجح هذا القرار في شبه محو ظاهرة الطوابير مؤقتًا، ولكن سرعان ما عادت، وبحدٍ أكثر.

 

حينها، وجد المصرف المركزي نفسه مضطرًا الى رفع الدعم، الذي أعلن في قرار مساء الأربعاء ١١ آب ٢٠٢١، أنه "سيتم تأمين الاعتمادات اللازمة المتعلقة بالمحروقات اعتباراً من تاريخ 12/8/2021، وفق سعر صرف السوق".

 

أثار هذا القرار بلبلة على الصعييدن الشعبي، والسياسي. فحاول الساسة الباس نفسهم امام الراي العام ثوب البراءة، والتحايل على الناس بانهم لم يكن يعلمون بالقرار وانهم غير معنيون، وبخاصة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، حيث قال عبر تويتر أن "سلامة هو حاكم المركزي وليس حاكم البلد لكي يقرّر وحيداً رفع الدعم فجأة". وفي اليوم التالي، استدعى رئيس الجمهورية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الى بعبدا.

 

غير أنه حينما نبحث جيدًا في الوقائع، يظهر للعين المجردة ان كل من رئيس الجمهورية، ووزير الطاقة ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، كانوا يعلمون بقرار الحاكم. ففي اجتماع المجلس الأعلى للدفاع ظهر اليوم ذاته، الذي كان يحضره كل من رئيس الجمهورية ووزير الطاقة، أبرز الحاكم نيته برفع الدعم عن الوقود، دون تسجيل أي اعتراض. بالإضافة على ذلك، لم يتخذ قرار رفع الدعم الحاكم وحده، بل اعضاء المجلس المركزي الخمس، حيث اثنين منهم محسوبون لعون، واثنين لبري، وواحد لدياب. فان كنتم جادين بموقفهم الرافض لرفع الدعم، ولا تسعون الا  الى الاستعراض الإعلامي وحسب فلما لا تدفعون ازلامكم للتراجع عن قرارهم؟

 

 واخيرًا تعطي المادة ٤٣ من قانون النقد والتسليف الحق لمفوض الحكومة لدى مصرف لبنان تجميد أي قرار صادر عن المصرف المركزي، ونعلم ان هذا المفوض جاء بتعيين تياركم.  فإن كنتم صادقون، لماذا لا تطلبون منه تجميد قرار رفع الدعم؟! انتم كاذبون، كاذبون، كاذبون تسعون فقط لإحياء مهرجانات إعلامية، وإعادة البعض من مجد شعبيتكم التي ولت الى غير رجعة.

 

وفي ٢١ آب، استفاق الرئيس عون ليتذكر وجوب ترأس اجتماع طارئ لمعالجة مسألة المحروقات  في حضور رئيس الحكومة ووزيري المال والطاقة وحاكم مصرف لبنان حيث قرر دعم المحروقات على أساس سعر صرف ال٨٠٠٠ ليرة للدولار، مع علم حضرة الساسة ان هذا ليس الا بحل مؤقت، وسنعود ونرى مشاهد الطوابير، وستسمر نهب الأموال المتبقية بغية الاحتكار والتهريب إلى سوريا.

 

لا، لم يحل شيء، بل على العكس، الوضع ازداد وسيزداد سوءًا، فحقًا أخطأنا إن تأملنا من طبقة سياسية خائفة ليل نهار من انفجار اجتماعي يسحقها، غير حلول مؤقتة وعشوائية، تهدئ غضب الشارع. ان الحل الحقيقي يبدأ فينا نحن، بالادراك عن عجز هذه المنظومة بالقيام بأي إصلاح فعلي، والتخلي عن احزابنا السياسية، للدفع نحو اسقاطهم، كلهم، وبناء دولة قانون ومؤسسات. هذا هو الحل، اما كل ما تبقى "ضحك على الدقون".

ositcom-web-development-in-lebanon

مباشر

عاجل

راديو اينوما