مباشر

عاجل

راديو اينوما

مشروع الدستور التونسي الجديد.. مخاوف من ضياع المكاسب الديمقراطية

25-07-2022

عالميات

انطلق الاستفتاء حول مشروع الدستور الجديد في تونس، الاثنين، الذي يمنح صلاحيات واسعة للرئيس قيس سعيّد، وقد يعيد البلاد إلى نظام سلطوي شبيه بذلك الذي كان قائما قبل عام 2011.

 

وفتح أكثر من 11 ألف مركز اقتراع أبوابه أمام المواطنين اعتبارا من الساعة الخامسة بتوقيت غرينتش على أن تغلق عند الساعة 21:00.

وأدلى الرئيس التونسي مصحوبا بزوجته اشراف شبيل بصوته في مركز اقتراع في حي النصر بالعاصمة تونس وقال في تصريحات للإعلاميين إثر ذلك، "اليوم الشعب التونسي مطالب بأن يحسم هذا الأمر وهو حر في التصويت".

وأضاف "على الشعب التونسي أن يكون في الموعد والتاريخ... نحن اليوم أمام خيار تاريخي في بناء جمهورية جديدة".

وبلغت نسبة المشاركة في الاستفتاء حتى الساعة الثامنة والنصف صباحا بتوقيت غرينيتش 6,32%، على ما أفادت هيئة الانتخابات.

وقال رئيس الهيئة فاروق بوعسكر إن 564,753 ناخبا أدلوا بأصواتهم داخل تونس وهذا "رقم هام ومشجع".

وذكر بوعسكر أن نسبة المشاركة في انتخابات 2019، كانت في مستوى 1,6% في حدود الساعة الثامنة صباحا بتوقيت غرينيتش دون أن يحدد إن كانت تتعلق بالانتخابات الرئاسية أم التشريعية.

وأعدت رويترز تقريرا عن الاستفتاء، قالت فيه إن المطلوب من الناخبين الموافقة على دستور جديد يضفي الطابع الرسمي على معظم السلطات الشاملة التي استولى عليها سعيّد منذ تحركه ضد البرلمان قبل عام ومحاصرة مبناه بالدبابات، ثم منحه لنفسه الحق في الحكم بالمراسيم.

ووصف سعيّد، وهو أستاذ قانون سابق، أفعاله بأنها تصحيح للخلل السياسي والفساد الناتج عن دستور 2014، والذي قسم السلطات بين الرئيس والبرلمان.

لكن خصومه يقولون إنه "دكتاتور جديد" تصل الخطوات التي اتخذها للاستحواذ على السلطة إلى حد الانقلاب وإن تقدمه صوب حكم الرجل الواحد سحق المكاسب الديمقراطية التي تحققت من الثورة التونسية عام 2011.

ويرسخ الدستور المقترح، الذي أعلنه سعيد الشهر الماضي، لدور كاسح للرئيس، ويحيل البرلمان والقضاء إلى مجرد وظائف في الدولة التي سيقودها، بدلا من كونهما فرعين للسلطة.

وبعد أن صور يوم 25 يوليو 2021 الذي استولى فيه على السلطات والصلاحيات على أنه بداية لجمهورية جديدة، حدد سعيّد الذكرى الأولى لهذا التاريخ موعدا لإجراء الاستفتاء على الدستور المقترح.

وكان سعيّد جديدا على الساحة السياسية عندما انتُخب رئيسا في 2019. وبعد أقل من عامين تجاوز خصومه السياسيين الأكثر خبرة، ومنهم حزب النهضة الإسلامي، بخطواته المفاجئة ضد البرلمان والحكومة السابقة. وكانت هذه الخطوات البداية نحو سعيه لجمع السلطات في يديه.

وبدا أن هذه الخطوات تحظى بشعبية كبيرة بين التونسيين الذين سئموا المشاحنات السياسية والصعوبات الاقتصادية. وخرج الآلاف إلى الشوارع يحتفلون وخرج الرئيس ليعلن عن قناعة أنه يمثل إرادة الشعب.

مشكلة اقتصادية

ويشيد أنصار سعيّد به باعتباره رجلا مستقلا نزيها يقف في وجه قوى النخبة التي فرض فسادها على تونس حالة من الشلل السياسي والركود الاقتصادي على مدى عشر سنوات، بحسب وكالة رويترز.

لكن منتقديه يشككون بشدة في وعوده بأنه سيحافظ على الحقوق والحريات التي اكتسبت في 2011، وهو ما كتبه في مسودة الدستور، ويقولون إنه يسحق الديمقراطية الوليدة في تونس. 

وصوّر سعيّد خصومه على أنهم أعداء الشعب وطالب باعتقال من يتحداه.

وليس من الواضح حجم التأييد الذي ما زال يتمتع به سعيّد، لكن استطلاعات الرأي أشارت إلى تراجع شعبيته. ويواجه الاقتصاد أزمة كبيرة كما يزداد التونسيون فقرا، بحسب الوكالة.

وينظم الاتحاد العام التونسي للشغل، ذا النفوذ الكبير في البلاد، إضرابات عامة احتجاجا على إصلاحات اقتصادية يطلبها صندوق النقد الدولي مقابل تقديم حزمة إنقاذ مالي كما يشير إلى معارضته للاستفتاء.

وعلى الرغم من تفتت المعارضين لسعيّد، في ظل رفض أغلب الأحزاب السياسية الأكثر نفوذا تنحية خلافاتها القديمة جانبا لرفض خططه، فإن الآلاف يحتشدون في مظاهرات للاحتجاج عليه.

ويراقب العالم السياسة التونسية عن كثب بسبب دور البلاد في إطلاق شرارة انتفاضات الربيع العربي في 2011 ونجاحها باعتبارها الديمقراطية الوحيدة التي نجمت عن هذه الانتفاضات.

ثورة جديدة

غيّر الرئيس موعد الاحتفال الرسمي بذكرى الثورة للتهوين من شأن الإطاحة بحكم زين العابدين بن علي، ورفض نتائج مفاوضات صعبة أعقبت ذلك وقادت إلى دستور ديمقراطي.

وكان دستور 2014 من نتاج عمل أحزاب سياسية متناحرة ومنظمات مجتمع مدني أجروا جميعا حوارا وطنيا لتخطي خلافات مريرة والتوصل إلى حل وسط بدا أنه يوحد تونس.

ولدى انتخابه في 2019 كمرشح مستقل، محققا فوزا ساحقا في الجولة الثانية على قطب إعلامي متهم بالفساد، أعلن سعيّد ثورة جديدة.

وإلى جانب حل البرلمان الذي لم يكن يحظى بشعبية لكنه كان منتخبا، أطاح سعيّد بالسلطة القضائية المستقلة سابقا ولجنة الانتخابات مما أثار مخاوف بخصوص سيادة القانون ونزاهة الانتخابات.

وقام كذلك بتغيير مسؤولين عموميين ومنهم بعض مسؤولي أجهزة الأمن، مطيحا بأشخاص على صلة بالأحزاب الرئيسية في البلاد.

وقال بعد ذلك إنه يريد إجراء انتخابات برلمانية جديدة في ديسمبر المقبل.

وتقول رويترز إن مشروع الدستور الجديد يضعف البرلمان الذي زاد دستور عام 2014 من نفوذه، ويعيد إنتاج نظام يقول منتقدوه إنه أدى إلى الفشل السياسي والتناحر وأضعف كفاءة الحكومة على مدى سنوات.

وعددت الوكالة، في تقرير، أبرز بنود وسمات مشروع الدستور الجديد.

الرئيس يشكل الحكومة

تنص المادة 101 على أن الرئيس هو الذي يعين رئيس الوزراء، وكذلك أعضاء الحكومة، بناء على اقتراح من رئيس الوزراء، في خروج عن النظام الحالي الذي يعطي للبرلمان دورا رئيسيا في اختيار الحكومات.

تنص المادة 112 على أن الحكومة مسؤولة أمام الرئيس، بينما تنص المادة 87 على أن الرئيس يمارس المهام التنفيذية بمساعدة الحكومة.

تنص المادة 102 على أن بإمكان الرئيس إقالة الحكومة أو أي من أعضائها.

ولكي يتمكن البرلمان من إقالة الحكومة، يتعين تأييد ثلثي النواب لحجب الثقة عنها في تصويت، حسبما تنص المادة 115، وهو هامش أكبر من الأغلبية البسيطة المطلوبة حاليا.

وتنص المادة 116 على أنه في حالة إجراء تصويت ثان بحجب الثقة في نفس الدورة البرلمانية، فيمكن للرئيس إما قبول استقالة الحكومة أو حل البرلمان مما يعني إجراء انتخابات جديدة.

برلمان ضعيف

تمنح المادة 68 رئيس الجمهورية الحق في طرح مشروعات القوانين على مجلس النواب، وتقول إن لها الأولوية على المقترحات التشريعية الأخرى.

تنص المادة 61 على أن التفويض الممنوح للنائب يمكن سحبه وفق الشروط التي يحددها قانون الانتخابات. ولم يتم توضيحها.

تنص المادة 69 على أن مشروعات القوانين والاقتراحات، التي يقدمها المشرعون، الخاصة بتعديل قوانين موجودة لا تقبل إذا كان من شأنها الإخلال بالموازنات المالية للدولة، دون تحديد ما يعنيه ذلك.

ينص مشروع الدستور على إنشاء "مجلس ولايات" جديد ليكون غرفة ثانية في البرلمان، لكنه لا يعطي سوى تفاصيل قليلة عن طريقة انتخابه أو الصلاحيات التي سيتمتع بها.

امتيازات رئاسية

يستخدم مشروع الدستور الجديد تعبير "الوظائف" وليس السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية، وهي لغة يقول النقاد إنها تدل على تضاؤل ​​مكانتها في النظام الرئاسي المقترح.

تنص المادة 90 على أن الرئيس يمكنه الاستمرار في الحكم لفترتين متتاليتين مدة كل منها خمس سنوات. وتضيف أن المدة الواحدة يمكن مدها بموجب القانون إذا لم يتسن إجراء الانتخابات في موعدها المقرر.

نصت المادة 109 على تمتع الرئيس بالحصانة طيلة فترة ولايته، ولا يجوز استجوابه عن تصرفاته أثناء تأدية مهامه.

تسمح المادة 96 للرئيس باتخاذ "تدابير استثنائية" إذا ما رأى أن هناك "حالة خطر داهم مهدد لكيان الجمهورية وأمن البلاد واستقلالها" بعد استشارة رئيس الوزراء والبرلمان.

تمنح المادة 106 الرئيس سلطة تعيين من يشغلون الوظائف العسكرية والمدنية العليا بناء على اقتراحات من رئيس الوزراء.

كما في الدستور الحالي، الرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة. لكن قوات الأمن الداخلي، التي تتلقى أوامرها من الحكومة بموجب الدستور القائم، ستكون بموجب مشروع الدستور الجديد مسؤولة أمام الرئيس.

المادة 136 تنص على أن الرئيس، أو على الأقل ثلث أعضاء البرلمان، لديه الحق في المطالبة بتعديل الدستور لكن لا يمكن لتلك التعديلات أن تشمل تغييرات لمدد الولاية الرئاسية المحددة بولايتين.

وتمدد المادة 140 صلاحية المرسوم الرئاسي الذي أصدره الرئيس قيس سعيّد في سبتمبر 2021 وسمح له بالحكم من خلال إصدار المراسيم لحين انتخاب برلمان جديد واضطلاعه بمهامه.

السلطة القضائية

مثلما وصفت مسودة الدستور البرلمان والجهات التنفيذية بأنها "وظيفة"، تصف أيضا القضاء بأنه "وظيفة" بدلا من "سلطة" وهو ما قال عنه منتقدون إنه يشير إلى تراجع دوره.

المادة 120 تفيد بأن تعيين القضاة يتم بأمر من الرئيس بعد ترشيحات من المجلس الأعلى للقضاء المعني بالأمر. وهم ممنوعون من الإضراب.

"تاريخ جديد"

واعتبر سعيّد أن الاستفتاء سيكون مرحلة مهمة و"سنبدأ تاريخا جديدا".

وهاجم الرئيس التونسي معارضيه وقال إنهم "يوزعون الأموال" لكي "لا يصوت التونسيون ويعبروا عن إرادتهم"، مؤكدا "لن نترك تونس فريسة لمن يتربص بها في الداخل والخارج".

وتؤمن قوات من الجيش والشرطة مراكز الاقتراع.

وقال طارق الجميعي (24 عاما) لوكالة فرانس برس وقد خرج من مركز تصويت في العاصمة تونس "بالنسبة لي الاستفاء هو حماية لمستقبل بلادي".

وبحسب هيئة الانتخابات، تسجّل 9,296,064 ناخبا بشكل طوعي أو تلقائي للمشاركة في الاستفتاء الذي ترفضه معظم الأحزاب السياسية وينتقده الحقوقيون. وبدأ المغتربون البالغ عددهم 356,291 الإدلاء بأصواتهم السبت ولديهم حتى الاثنين للاقتراع.

This website is powered by NewsYa, a News and Media
Publishing Solution By OSITCOM

Copyrights © 2023 All Rights Reserved.