مباشر

عاجل

راديو اينوما

ositcom-web-development-in-lebanon

مغتربون لبنانيون يعيدون النور إلى قراهم... بالطاقة الشمسية

12-09-2022

محليات

|

الشرق الاوسط

مع تفاقم أزمة الكهرباء في لبنان، يوماً بعد يوم، وفي غياب أي مؤشرات لإنهائها في وقت قريب، بات اللبنانيون يبحثون عن حلول بأنفسهم. وبما أن توفير البديل عبر ألواح الطاقة الشمسية يتطلب مبالغ كبيرة بالدولار الأميركي، بات المغتربون الداعم الأول عبر مساعدات يقدمونها بشكل فردي أو جماعي لأقاربهم، فيما لم يجد لبنانيون آخرون أمامهم إلا بيع مقتنياتهم لتأمين الطاقة.
وتمثل بلدة تولا، في شمال لبنان، نموذجاً عن هذا الواقع، حيث قرر سكان البلدة التحرك لتأمين الطاقة، مدركين أن الدولة اللبنانية ومؤسساتها المفلسة والعاجزة لن تحرك ساكناً، فتواصلوا مع أقاربهم المغتربين الذين وفروا تمويلاً تجاوز مائة ألف دولار، ما سمح بنصب 185 لوحاً مع الأجهزة اللازمة لتوليد الكهرباء في أرض تابعة لكنيسة. وبالتنسيق مع البلدية، تم وصل الألواح بالشبكة الكهربائية التابعة لمولد خاص لتوزيع الطاقة على منازل القرية. وتنعم القرية حالياً بالتيار لمدة 17 ساعة يومياً.
وبدأت المبادرة عبر قيام مجموعة من المتطوعين بجمع مبلغ مائة ألف دولار من مغتربين لإقامة مشروع إنتاج كهربائي عبر الألواح الشمسية لتأمين تغذية بالتيار للبلدة، في ظل أزمة كهرباء خانقة في كل لبنان متواصلة منذ سنتين.
ويقول المهندس إيلي جريج، وهو أحد المتطوعين في المشروع، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «في الظرف الحالي، لم تعد الطاقة الشمسية مجرد بديل، بل باتت ضرورة»، مؤكداً: «لو لم نركب ألواح الطاقة الشمسية، لما نعمت القرية بالكهرباء بالأساس». ويلفت إلى أن أحد سكان القرية اتصل به ليعبر عن فرحه برؤية الثلج للمرة الأولى منذ مدة في ثلاجة منزله.
مع العلم أنه، خلال الشتاء الماضي، كان أهالي تولا يحظون بثلاث ساعات فقط يومياً من الكهرباء عبر المولدات الخاصة، ومتى حالفهم الحظ، بساعة أو ساعتين إضافيتين من مؤسسة كهرباء لبنان.
وتقول جاكلين يونس، مالكة محل بقالة متواضع في تولا، لوكالة الصحافة الفرنسية: «تذمر الأطفال لعامين مطالبين بالمثلجات، وقد حان الوقت أخيراً»، مضيفة: «ستكون لدينا مثلجات للمرة الأولى منذ عامين».
ويعد قطاع الكهرباء من القطاعات المتداعية في لبنان منذ عقود اعتاد خلالها اللبنانيون على دفع فاتورتين مقابل الحصول على التيار الكهربائي، واحدة للدولة وأخرى لأصحاب المولدات التي تعوض نقص إمدادات الدولة. لكن الانهيار الاقتصادي الذي بدأ منذ سنتين فاقم المشكلة بشكل مهول، ولم تعد مؤسسة كهرباء لبنان الرسمية قادرة على تأمين الكهرباء إلا لساعتين في اليوم كحد أقصى، فيما السلطات عاجزة عن استيراد الفيول الكافي لتشغيل معامل الإنتاج.
ومع ارتفاع أسعار المحروقات جراء رفع الدعم الحكومي تدريجياً عنها منذ العام الماضي، لم يعد بوسع اللبنانيين دفع فواتير المولدات التي لجأ أصحابها بدورهم إلى التقنين.
وخلال أشهر، اجتاحت ألواح الطاقة الشمسية مناطق عدة، ولم يكن الدافع الرغبة بالتوجه إلى بديل صديق للبيئة أو التخفيف من الانبعاثات، بل بات الخيار الوحيد المتاح للمنازل والشركات والمؤسسات التجارية.
ففي العاصمة بيروت مثلاً، قامت منظمة غير حكومية بمبادرة نصبت بموجبها ألواح شمسية لتوليد كهرباء تضيء إشارات السير التي باتت معطلة تماماً على معظم الأراضي اللبنانية.
خلال الصيف الماضي، كانت زينة صايغ أول من لجأ إلى ألواح الطاقة الشمسية في المبنى الذي تقطنه في بيروت، ثم أقدم أصحاب تسع شقق أخرى على الخطوة ذاتها خلال العام الحالي.
وتقول زينة التي كلفها المشروع قرابة ستة آلاف دولار وباتت تعتمد حصراً على الطاقة الشمسية: «صرت أنا المتحكمة بالكهرباء، لا العكس».
وفي مدينة جبيل الواقعة على بعد أكثر من ثلاثين كيلومتراً شمال بيروت، تغطي ألواح الطاقة الشمسية موقف السيارات التابع لسوبرماركت «سبينس» الضخم.
ويقول رئيس مجلس إدارة الشركة المالكة حسان عز الدين: «أعتقد أننا سنوفر نصف كلفة المحروقات عبر تركيب ألواح الطاقة الشمسية»، مضيفاً: «تكلفة المحروقات اليوم هائلة. إنها كارثة ببساطة».
وكانت الشركة تنفق بين 800 ألف دولار و1.4 مليون دولار شهرياً لشراء المحروقات من أجل تشغيل مولدات متاجرها المنتشرة في لبنان على مدار الساعة.
قبل سنوات، أجرت الشركة دراسة للتحول إلى الطاقة الشمسية، إلا أنها أجلت تنفيذ المشروع مراراً. لكن في ظل الوضع الحالي، «بات أمراً نحتاج إلى أن ننفذه وبسرعة»، وفق عز الدين.
وبينما توفر ألواح الطاقة الشمسية التغذية خلال ساعات النهار، لا تزال سلسلة المتاجر تعتمد على المولدات ليلاً. ويقول عز الدين: «الحل المستدام الوحيد هو كهرباء الدولة، وكل ما عدا ذلك مجرد محاولات للتعويض عن غيابها».
ودفع الارتفاع الحاد في فواتير المولدات الخاصة عدداً هائلاً من اللبنانيين إلى اعتماد الطاقة الشمسية. وأصبحت أسطح الأبنية السكنية والشرفات مكتظة بالألواح والبطاريات.
لكن اعتماد الطاقة الشمسية ليس بالأمر السهل، خصوصاً من ناحية كلفته في بلد فقدت عملته أكثر من تسعين في المائة من قيمتها أمام الدولار، وبات نحو ثمانين في المائة من سكانه تحت خط الفقر.
في قرية في جنوب لبنان، يروي مسؤول محلي لوكالة الصحافة من دون الكشف عن هويته، أن عدداً من السكان غير الميسورين باعوا مقتنياتهم من سيارات أو مجوهرات وحتى أراضٍ للتحول إلى الطاقة الشمسية، بعدما استنزفهم التقنين القاسي وفواتير المولدات في ظل مداخيل محدودة.
قبل الأزمة الاقتصادية، كانت بضع شركات فقط تقدم خدمات الطاقة الشمسية، ويجهد مندوبوها لإقناع الأفراد والشركات بجدوى اعتماد هذا الخيار، لكن السوق انتعشت العام الماضي وسارع كثيرون للاستثمار فيه.
ويقول أنطوان سكيم من شركة «فري إينرجي» إن السوق ازدهرت لدرجة أن «أي أحد بات قادراً» على الدخول إليها، ما أدى إلى وقوع حوادث عدة بينها احتراق البطاريات أو «تطاير الألواح» من فوق الأسطح.
ويحذر خبراء من خطر تركيب الألواح الشمسية من دون تدابير السلامة اللازمة، فيما لا توجد أي رقابة من الدولة على الموضوع.
وتعتمد بلديات عدة على المغتربين أو المتمولين من أبنائها أو منظمات غير حكومية لوضع أنظمة الطاقة الشمسية، حتى أن أحزاباً سياسية تطرح خدماتها في هذا المجال، في بلد يقوم نظامه على المحاصصة السياسية وتنتعش فيه شبكات الزبائنية.

ositcom-web-development-in-lebanon

مباشر

عاجل

راديو اينوما