مباشر

عاجل

راديو اينوما

الرئيس التونسي.. "خيبة أمل مؤلمة" لشباب انتخبوه

25-02-2023

عالميات

خلال الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة لسنة 2019 صوت حوالي 90 في المائة من الناخبين، ممن تتراوح أعمارهم، بين 18 و 25 لصالح قيس سعيد لفت تقرير لمجلة "فورين بوليسي" أن الشباب التونسي، بدأ ينأى بنفسه عن الرئيس قيس سعيد، بعد أن استأثر بجميع السلطات، بينما يتعرّض معارضوه لحملة اعتقالات واسعة. هذه العوامل تؤشر على تعثر مسار الإصلاح الذي استقطبهم أول مرة، عندما انتخبوه في 2019، تقول المجلة. وقبل ثلاثة أعوام، فاز قيس سعيد بالانتخابات الرئاسية المبكرة في تونس بأغلبية ساحقة، شكلت أكثر من 72 في المائة من الأصوات. وصوت لصالح سعيد، الوجه الجديد في المشهد السياسي التونسي، حوالي 90 في المائة من الناخبين، ممن تتراوح أعمارهم، بين 18 و 25 عاما خلال الجولة الثانية. استغلال؟ يقول تقرير المجلة "استغل أستاذ القانون الدستوري، غير المنتسب لأي حزب سياسي، الناخبين التونسيين بسبب فصاحته في اللغة العربية، ونزاهته السياسية، بحيث لم يشغل أي منصب سياسي". وخلال العامين الأولين من ولايته، بدا الرئيس المنتخب حديثا معزولا، ولا يملك أي قرار سياسي. يمكن تفسير ذلك جزئيا، من خلال النظام شبه الرئاسي في تونس، الذي يحد من السلطات الرئاسية ويعطي مزيدا من الصلاحيات لمجلس نواب الشعب. وانتقد التونسيون الرئيس بسبب صمته إزاء الفشل الذريع الذي تسبب فيه نواب المجلس المنقسم. واستمر الاستياء بين المواطنين في الازدياد؛ وبعد يوم من المظاهرات في 25 يوليو 2021، حل سعيد البرلمان وزعم أن دستور البلاد يسمح له بذلك. حماس فاجأت هذه الخطوة غير المتوقعة التونسيين، فاجتمعوا في الشوارع واحتفلوا بقرار الرئيس. وكانت الأيام القليلة التالية مليئة بالحماس حيث رحب التونسيون بفترة ما بعد حل البرلمان بمزيد من التفاؤل. ونظم عدد من الشباب حملات تنظيف للأحياء، بينما خفّضت بعض محلات البقالة أسعارها، فرحة بما استجد على الساحة السياسية. وخلال الفترة التي أعقبت ذلك، بدأ سعيد بتنفيذ وعوده الانتخابية بتقديم المتهمين بالفساد إلى العدالة من خلال وضع العديد من القضاة والمشرعين قيد الإقامة الجبرية وحظر سفرهم. في موازاة ذلك، بدأ -مستغلً حماسة الشباب- في إقامة نظام استبدادي بشكل تدريجي، حسب تعبير المجلة. واعتقل الصحفيون والنشطاء الذين انتقدوا الرئيس، بينما حوكم بعض أعضاء مجلس النواب أمام محاكم عسكرية. تأكدت نوايا سعيد في تولي الحكم بمفرده، بعد أن قام بتغيير دستور 2014 وطرح بديلا له للاستفتاء. وتمت الموافقة على الدستور الجديد على الرغم من ارتفاع نسبة الامتناع عن التصويت والتي بلغت 69.5٪. هذا الإقبال المنخفض، لم يثن الرئيس التونسي، عن تنظيم انتخابات تشريعية، جرت الجولة الثانية منها في 29 يناير، مع نسبة إقبال منخفضة جدا بلغت 11.3 في المائة. نظام جديد يسعى سعيّد إلى تأسيس مشروعه السياسي القائم على نظام رئاسي ووضع حد للنظام البرلماني الذي تم إقراره إثر ثورة 2011 التي أطاحت بنظام دكتاتوري، ووضعت البلاد على طريق انتقال ديموقراطي فريد في المنطقة فيما اصطلح عليه "الربيع العربي". وتزداد الهوة بين الفاعلين السياسيين والنقابيين التونسيين وبين الرئيس لدرجة أن جميع المبادرات التي يقترحها المعارضون لا تلقى أي آذان صاغية من الرئيس. ويعمل "الاتحاد العام التونسي للشغل" مع منظمات أخرى على صوغ مبادرة لتقديم مقترحات حلول في مواجهة تأزم الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلاد. لكن سعيّد يرفضها من قبل أن تُعرض عليه. ويضاف إلى توتر المناخ السياسي أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة. وتفاوض السلطات صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على قرض بحوالى ملياري دولار لتغطية عجز الموازنة والحد من البطالة وتدهور الوضع المعيشي بسبب التضخم. هذا المشهد، جعل الشباب التونسي يفقد يوما بعد يوم حماسته في مشاهدة تغير جذري في بلاده. ووفق تقرير المجلة "يبدو الآن أن الناخبين الشباب يتخلون عن سعيد". "لا يزال بعض الشباب يثق بمشروع الرئيس" وإذ يوافق المحلل التونسي، بسام حمدي، على بعض ما جاء في التقرير، يؤكد أن شريحة واسعة من الشباب لا تزال تثق بمشروع الرئيس. وفي حديث لموقع الحرة، قال حمدي إن هناك بالفعل عزوفا شبابيا في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، مرجعا ذلك لقناعتهم بأن الرئيس انشغل بالملفات السياسية على حساب الملفات الاجتماعية والاقتصادية "ولم يحقق المطالب المتعلقة بالشغل مثلا والتنمية بوجه عام". لكنه عاد ليقول إن هناك شريحة هامة من الشباب التونسي "لا تزال إلى حد اللحظة تؤمن بأفكار قيس سعيد". وتحدثت فورين بوليسي إلى شبان تونسيين أيدوا التغييرات التي أقدم علهيا سعيد في عام 2021 لكنهم غيروا موقفهم الآن بعد أكثر من عامين تحت حكمه. وطلب جميع من تمت مقابلتهم بنشر أسمائهم الأولى فقط. قالت سيرين، 24 سنة، التي تعمل في مركز اتصالات بالعاصمة تونس، إنها أعجبت بجرأة سعيد في يوليو 2021. وقالت: "لم يجرؤ أي رئيس قبله على اتخاذ هذه الخطوة الحساسة" ثم تابعت "أنا شخصياً كنت متفائلة للغاية لأنني رأيت في قرارته المثيرة للجدل إرادة سياسية قوية لتغيير الأمور للأفضل". وبالنسبة إلى إلياس (27 عاما) الذي يعمل في وكالة سفر، فإن دعمه لقرار سعيد حل البرلمان، كان -مثل العديد من التونسيين- لمعارضته مجلس النواب أصلا. ويعتقد شبان تونسيون آخرون ممن كانوا يدعمون سعيد أنه لبى نداء الشعب. وقبل عامين، ساعد سعيد رمزيا الشعب التونسي على ممارسة سيادته؛ حيث، وافق على مطالبات العديد من المحتجين في جميع أنحاء البلاد، خلال الاحتفال بذكرى الثورة التي أطاحت بالنظام السابق، بحل البرلمان. تقول المجلة تعليقا على ذلك، إن أغلب الذين صوتوا لسعيد في انتخابات 2019 كانوا من أشد المؤيدين لقراره حل مجلس النواب، وتجاهلوا العديد من المراقبين المحليين والدوليين الذين عبروا عن مخاوفهم بشأن الانجراف المحتمل نحو الاستبداد. خيبة أمل قالت نسرين، التي صوتت لسعيد في كلتا الجولتين من الانتخابات الرئاسية لعام 2019 ، إن قرار حل المجلس جعلها تشعر أخيرًا أنها اتخذت القرار الصحيح في عام 2019. وتابعت "لقد علمنا العقد الماضي أن هذا البلد بحاجة إلى زعيم يحكمها بيد من حديد" ثم تابعت "بغض النظر عن مدى خطورة قراره، فقد حان الوقت لإنهاء إخفاق البرلمان". في هذا السياق، يقول المحلل حمدي، إن الشباب الذين يدعمون سعيد يرون بأن "المنظومة السابقة" ممثلة بأحزاب مثل "الدستوري الحر" و"حركة النهضة" أضحت تستقطب الكهول، وأولئك الذين لديهم رؤية ذات أبعاد دينية. وقال لافتا لأن الكثير من الشباب يؤيد سعيد "أغلب الذين أطروا الحملات الانتخابية السابقة لقيس سعيد، هم من الشباب والطلبة". ثم أضاف "مواقع التواصل الاجتماعي التي تغص بالشباب التونسي أغلبها تؤمن بأفكار قيس سعيد". لكن سيرين التي أيدت سعيد سابقا، أعربت لمجلة "فورين بوليسي" عن خيبة أملها فيما يتعلق بالطريقة التي تطورت بها الأمور بعد حل البرلمان. وقالت: "على الرغم من أننا اعتدنا على فشل السياسيين، إلا أن الطريقة التي سارت بها الأمور بعد يوليو 2021 كانت بمثابة خيبة أمل مؤلمة لجميع الذين دعموا سعيد وصدقوا كلماته الرنانة". وانتقدت الشابة إنكار الرئيس للوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في البلاد وشيطنة خصومه السياسيين والنشطاء والصحفيين، ومؤخراً اللاجئين والمهاجرين. وقالت: "يبدو أنه يعيش في عالم موازٍ أو على كوكب آخر" قبل أن تضيف "إنه لا يرى مشاكل شعبه ولا يعترف بوجودها، وظيفته الوحيدة هي مطاردة خصومه"

This website is powered by NewsYa, a News and Media
Publishing Solution By OSITCOM

Copyrights © 2023 All Rights Reserved.