مباشر

عاجل

راديو اينوما

ositcom-web-development-in-lebanon

الحرب الأهليّة وتفجير المرفأ:"الافلات من العقاب في التاريخ اللبناني"

11-08-2023

محليات

ثلاثون سنة انقضت على الحرب الأهليّة اللبنانيّة، وعلى شاكلتها ثلاث سنوات انقضت على تفجير مرفأ بيروت وفي كل مرّة نتعرف على الضحايا. نحفظ وجوههم واسماءهم أحياناً، قبل أن يطويها النسيان والأحداث. أما  المُجرم فيُفلت من العقاب وتضيع المسؤوليات ويتكفل الزمن بترسيخ مبدأ "عفا الله عما مضى".

فهل تفجير الرابع من آب هو، بطريقة ما، امتداد للحرب الأهليّة، ومُحصلة مسار طويل من الميليشياويّة والفساد والتسيب وواقع "الإفلات من العقاب"؟ والسّؤال الأهم، هل سيضطر أهالي ضحايا تفجير المرفأ على السّير في مسلك النضال المستميت والمستمر في سبيل العدالة، من دون أن يحظوا بها، كما أولئك المناضلون لثلاثين عامًا لمعرفة مصير أبنائهم وآبائهم وأزواجهم من المفقودين والمغيّبين؟

هذه الأسئلة وارتباطها بالوقائع والسّياسات التّي تمّ صوغها بعد الحرب الأهليّة، كانت موضوع الندوة التي نظمتها "مجموعة عمل" المنبثقة من النوادي العلمانيّة الطلابيّة وشبكة "مدى" التّي أُقيمت مساء الأمس، الخميس 10 آب الجاري، تحت عنوان: "الإفلات من العقاب في التّاريخ اللبناني والطريق إلى قضاء مستقل".

 شارك في الندوة التي عقدت في منطقة السّيوفي – الأشرفيّة، كل من النائب إبراهيم منيمنة، عضو تجمع 4 آب بول نجار، المحامي والمدير التنفيذي للمفكرة القانونيّة نزار صاغية، رئيسة لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان وداد حلواني، وأدارتها الصحافية فتات عياد.

الجريمة المستمرة

استهلت الندوة، بمقدمة عن المسار الجهنميّ الذي انتهجه ساسة لبنان منذ الحرب الأهليّة حتّى اليوم، هذا المسار القائم على منطق الإفلات من العقاب، والمُتداخل مع تركيبة الدولة ومؤسساتها، وارتداداته على القضاء اللبناني. فيما أشارت وداد حلواني إلى الرابط بين التّفجير والحرب الأهليّة، مُعتبرةً أن "أمراء الحرب" أنفسهم هم من فجروا العاصمة وراكموا مفقودين جُدد، أي أولئك الذين لم يفتش أحد على جثثهم أو أشلائهم، ولا يزال الوضع كما كان في السّابق، إذا يستغل السّاسة – زعماء الحرب سابقًا، العصب الطائفي لتدعيم وتمكين مواقعهم، ضاربةً المثل بسجال "كوع الكحالة" والاستنفار الحزبيّ والطائفي الذي تخلله. الأمر الذي أكدّ عليه بول نجار، والد الضحيّة ألكسندرا نجار، مُضيفًا أن قضيتهم ليست قضية أشخاص (235 قتيل، ستة آلاف جريح، وما يربو عن 300 ألف مُشرد ومُهجر)، بل هي قضية وطن بالمرتبة الأولى. مُستهجنًا تأخر العدالة، مُعتبرًا أنها حقّ وليست امتيازًا، بل هي المدخل لبناء دولة حقيقة تحترم مواطنيها.

فيما اعتبر نزار صاغية، أن المواطن اللبنانيّ هو ضحية النظام القائم، ضحية التفقير والانهيار والنهب العام، ضحية التفلت الأمنيّ، ضحية انهيار المؤسسات، وغيرها من الأزمات المتناسلة. قائلاً:" ليست الأزمة بالعفو العام الذي أُقيم بعد الحرب الأهليّة، الأزمة الحقيقة أنه بعد 15 عامًا على حرب دمويّة، تكرس مُجدّدًا نظام "الزعامات السّياسيّة" والذي تداخل مع مؤسسات الدولة ونُظم الإدارة العامة. وبإعطاء الحقّ لأعضاء الأحزاب السّياسيّة بالتّوظيف العام، سُيست الوظيفة العامة، كما سُيس القضاء، ولم يبق مستقلا". مُضيفًا:" عام 1991 أي بعد الحرب لم يتمّ الاعتراف بتاتًا بحقّ الضحايا أو بهم على أقلّ تقدير، والبشاعة التّي ارتكبتها الميلشيات لم يُحاسبها عليها أحد، وبقيّ أهالي المفقودين يناضلون لانتزاع الحقيقة والعدالة من السّلطة، بالرغم من كل محاولات "تقريش" الضحيّة والألم والنزيف المستمر. وهذا ما نشهده اليوم في ملف التّفجير. فيما تبقى معركة تحرير القضاء من سطوة الزعامات واستقلاليتها معركة طويلة، لا ينتصر لها سوى الشعب اللبنانيّ".

الطائفيّة والقضاء

واعتبر منيمنة "إن الشغل الشاغل للعصبة الحاكمة هو تجييش وتحفيز العصب الطائفي في كل معركة حقوقيّة، والتهديد المستمر بالحرب الأهليّة، عند كل مطلب يتعلق بالحقيقة والعدالة، هذا ما أدى إلى وصولنا إلى دولة مُفلسة أخلاقيًا وقانونيًا، أي سقوط كل القيم المناقبية والقانونيّة والأخلاقيّة التّي تقوم عليها أي دولة. مُشيرًا إلى أن المسار بدأ منذ بداية الحرب الأهليّة واُستكمل بقانون العفو العام، ثم بالاحتكار والحصريّة في تفسير الدستور والقوانين، وأهمها "الميثاقيّة" التّي حُرّفت واستخدمت كغطاء للفساد. ناهيك عن التّفريغ الممنهج لقانون استقلاليّة القضاء من محتواه.

وشدّد على أن المدخل الأساسي لقيام قوى سياسيّة تحمل أجندة وطنية مدنية شاملة هي توحيد الناس على مبدأ الدولة، والمواطنة، والمساواة، والقانون.

 واستغرب منيمنة رمي المسؤوليات كلها على الخارج، على اعتبار أنه الوحيد القادر على إنصاف الشعب المنكوب، فيما إنصاف هذا الشعب يكون بالمرتبة الأولى، بإيجاد قضاء مستقل، يُحاسب الجناة، بأحكامه العادلة. قضاء نزيه وغير مرتهن للسياسات الطائفيّة.

وتوافق منيمنة مع نزار صاغية أن الجهود الشعبيّة والوطنيّة التّي بُذلت في السّنوات الأخيرة تُبشر بتغيير ما، (خصوصاً مع وصول نواب ولو أفراد ، يتكلمون باسم الشعب، لا باسم مصالحهم). لكن يبقى التعويل على التّغيير الحقيقيّ، بحشد جميع ضحايا لبنان وجمعهم تحت مطلب أساسيّ وهام وهو العدالة، أكانوا ضحايا المصارف، أم ضحايا الحرب، أم ضحايا التّفجير وغيره من المظالم. وبالتّالي يُطرح بند استقلاليّة القضاء، ويُباشر العمل فيه تحت ضغط شعبيّ كبير، من شأنه تشكيل قوى سياسيّة أكبر من كل تلك  الموجودة اليوم.

الحرب والتّفجير

ورأت حلواني، أن لحظة تظاهرة 8 آب 2020 أي بعد أربعة أيام على التفجير، هي عينة على التكاتف الشعبيّ وتوكيد على أن اللبنانيين جميعًا ضحايا والمُجرم والواحد. واصفةً ملف التّفجير بأنه شبيه بالمقابر الجماعيّة التّي رمت السّلطات فتيلها، لإسكات أهالي المفقودين. بعد سلسلة تأخيرات في ملفهم، وضعت كحجر عثرة في سبيل الحقيقة. قائلةً: "كلنا ضحايا مؤجلون في لبنان، لكننا فخورون بأننا تمكنا من خلق طائفة عابرة للطوائف، تجمع كل الضحايا". متمنيةً أن لا يعيش أهالي ضحايا تفجير المرفأ المعاناة نفسها التي عاشها أهالي المفقودين بحثاً عن الحقيقة والعدالة منذ ثلاثين سنة.

ositcom-web-development-in-lebanon

مباشر

عاجل

راديو اينوما