مباشر

عاجل

راديو اينوما

ositcom-web-development-in-lebanon

الاحتجاجات في مناطق النظام السوري.. هل أبعادها سياسية أم اقتصادية؟

26-08-2023

عالميات

بعد أكثر من 12 عامًا على الثورة السورية، تتجدد الحركة الاحتجاجية ضد نظام بشار الأسد، بسبب سياساته الاقتصادية والاجتماعية وممارساته الأمنية في المناطق الخاضعة لسلطته.

 

وجاءت هذه الاحتجاجات بالتزامن مع الذكرى العاشرة لمجزرة الكيماوي التي قام بها النظام السوري في غوطة دمشق في أغسطس/ آب 2013.

فقد امتد الحراك إلى محافظة درعا المجاورة وبلداتها التي خرج سكانها في مظاهرات ترفع أعلام الثورة السورية، داعين إلى رحيل بشار الأسد.

 

وتجمع العشرات من أبناء منطقة درعا البلد أمام الجامع العمري ذي الرمزية الخاصة، الذي انطلقت منه أولى مظاهرات الثورة السورية في 2011.

 

توسع دائرة الاحتجاجات

وإلى الشمال من درعا والسويداء، خرجت مظاهرات في ريف دمشق الغربي، حيث قام ناشطون بخط جداريات مناهضة للنظام في بلدة زاكي، ما استدعى استنفارًا كبيرًا من قوى الأمن وأجهزة المخابرات نظرًا لقربها من العاصمة دمشق.

 

لكن اللافت في هذا الحراك وصوله إلى منطقة الساحل، التي طالما اعتبرت الحاضنة الشعبية للنظام، وخزانه البشري خلال سنوات الثورة السورية.

 

ظهر ناشطون بالصوت والصورة والاسم على مواقع التواصل الاجتماعي، وهم ينددون بالنظام وإجراءاته، مطالبين إياه بالرحيل.

وسبق لأجهزة النظام الأمنية أن شنت حملة اعتقالات طالت عشرات الناشطين من أبناء الساحل السوري، الذين يشتبه بانتسابهم إلى حركة "العاشر من آب/ أغسطس"، وهي حركة تداول أعضاؤها منشورات ورقية تحمل دعوات للاحتجاج والمطالبة برحيل الأسد.

 

ومع توسع الحركة الاحتجاجية يتوقع الكثيرون أن تنضم مناطق أخرى للحراك الجديد في ظل انعدام الأفق بتحسن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية.

 

أسباب الاحتجاجات وأهم شعاراتها

إلى ذلك، تجتاح سوريا موجة جديدة من المظاهرات في منطقة ليست بعيدة عن مهدها الأول. وجوه جديدة تظهر، لكنها تحمل نفس الروح والشغف الذي عاشه جيل سبق، وبنفس الهتافات ونفس الإيقاع ترتفع أصوات السوريين مطالبين بإسقاط النظام.

 

وتتصدر مدينة السويداء الجنوبية مشهد الاحتجاجات في سوريا، حيث امتدت الاحتجاجات إلى مناطق عديدة تحت سلطة النظام.

 

وقد تطورت وسائل الاحتجاج، حيث أعلن عن إضراب عام شمل كل المناطق داخل المحافظة، ونتيجة لذلك توقف العمل في القصر العدلي، وحال المحتجون دون دخول المسؤولين إلى مقرات عملهم، فيما أغلقت جميع الدوائر الحكومية التابعة للنظام هناك.

ولم تقتصر شعارات المحتجين على الشكوى من الأحوال المعيشية والاقتصادية الصعبة التي يعاني منها السوريون، بل استعادت ذاكرة شعارات الثورة الأولى التي دعت للحرية والكرامة. ومن هنا يتضح أن طموح المحتجين لا يتوقف عند مطالب موضعية تركز فقط على احتياجات اليوم.

 

فارتفاع الأسعار وانهيار الليرة السورية التي تفقد قيمتها يومًا بعد يوم، وعدم قدرة المواطنين على تأمين تكاليف الحياة اليومية، كلها عوامل ساعدت في إشعال شرارة الاحتجاجات.

 

وأثر قرار الحكومة السورية برفع الأجور والرواتب للموظفين في القطاع الحكومي بشكل مباشر على ارتفاع أسعار المحروقات والمواد الغذائية والسلع الأساسية للحد الذي جعل السوريين يواجهون صعوبة في تأمين الحد الأدنى من متطلبات الحياة.

 

وبحسب البنك الدولي، فقد دفع الانخفاض الكبير في نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي إلى إعادة تصنيف سوريا كبلد منخفض الدخل منذ عام 2018، علمًا بأن البنك توقع انكماشًا في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.2% للعام الحالي بعد انخفاضه بنسبة 3.5% عام 2022.

 

ارتهان النظام للخارج

ويعلم السوريون أن الأسباب المالية والاقتصادية هي عرض لسبب أصيل في الحالة السورية يتمثل في النظام السياسي وحالة الفساد المستشري داخله وحصر القرار على كل المستويات في دائرة ضيقة يقع في مركزها رئيس الدولة.

 

لهذا سرعان ما رفع المتظاهرون شعار إسقاط النظام الذي تردد في ربيع عام 2011، في إشارة منهم إلى عجز النظام عن تحقيق أبسط مقومات الحياة للمواطنين.

 

ولعل تخصيص رئيس النظام بالاسم في الشعارات يعني تحميله شخصيًا مسؤولية ما آلت إليه الأمور في البلاد بعد أكثر من عقدين على حكمه.

 

وينتقد السوريون حالة الارتهان للدول الخارجية التي استدعاها النظام للدفاع عن حكمه ويعتبرونها جزءًا من مأساتهم أيضًا، عندما ربط مصيرهم بأجندات واستراتيجيات دولية وإقليمية لا تنسجم مع مصالحهم. ولهذا كانت الشعارات تحمل في طياتها إشارة واضحة إلى تلك الدول مطالبة بخروجها من سوريا.

 

12 عامًا على قمع الثورة السورية عانى فيها السوريون ويلات القتل والدمار والتهجير، وبدت فيها هزيمة الثورة حقيقة واقعة يصعب تكذيبها، لكن عبر التاريخ تنبئ بأن الثورات لطالما انتصرت بعد سلسلة من الهزائم.

 

ما هي أسباب التظاهرات؟

في هذا الإطار، يرى الباحث والسياسي السوري مضر الدبس، أن ما يحدث في السويداء وباقي المحافظات السورية هو استمرار لما حدث عام 2011، بطرق تتعلم دروس ما حصل في ذلك العام، وتحافظ على هذه الروح التي انطلقت منها الثورة.

 

وفي حديث لـ"العربي" من استديوهات لوسيل، يصف الدبس ما يحدث من تظاهرات بالتفاؤل والأمل بالقادم، وبأنه ما زال هذا الشعب يريد أن يحيا على الرغم من كل القوى التي تريد من واقعه أن يكون واقع موت، مشيرًا إلى أن أهالي السويداء يعترضون على المسائل الاقتصادية، وضيق الحال، وعلى كل القرارات الظالمة والطريقة التي ينظر بها النظام إلى لإنسان في أماكن سيطرته.

 

ويضيف أن "أهالي السويداء يقولون إنه لا حياة ولا مستقبل لأبنائنا من دون أن نكون مواطنين في دولة تحترمنا، وتقدم لنا الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية، وليس الخبز فقط".

ويوضح الدبس أن المتظاهرين عندما يقولون نريد إسقاط النظام، ليس لأنهم يريدون إسقاطه طرفًا، ولكن لأنهم بوجوده لا كرامة لأحد، وعندما لا تكون كرامة لأحد فهذا يعني أنهم لا يستطيعون العيش في هذا الوطن، ومن ثم تأتي بعد ذلك الملفات الاقتصادية، مشيرًا إلى أنه بناء على هذه المعطيات فإن الحراك متقدم جدًا ويقدم فرصة ربما تكون الآن أفضل من أي وقت مضى للكلام عن مشروع وطني جديد.

 

وفيما يشير إلى أنه لا يوجد أحد اليوم في السويداء يرضى أن يقمع هذه التظاهرات، يلفت إلى أنه لا يوجد لدى النظام أي قوة ضاربة اليوم لكي توقف ما يحصل.

ويرى الدبس أن كل الموجودين في الشارع هم موجودون بوصفهم سوريين، وليسوا دروزًا، ولديهم مطالب حيوية، وسياسية ومطالب تتعلق أيضا بالتفاؤل وبالعمل ببث نوع جديد من الخطاب على المستوى الوطني.

 

ويرى أنه لو يقوم الشباب في الداخل اليوم بإفراز نخبة سياسية جديدة تمثلهم ينتمون إليها وتنتمي إليهم، فإن هذا سيكون أجدى بكثير من إعادة التجربة مع فكرة المعارضة.

 

ويشير إلى أن هناك مجموعة من الشباب الذين يحاولون اليوم الوصول إلى مشروع وطني، لكنه يلفت إلى أن هذه المشاريع لا تزال براعم وتحتاج إلى قليل من الوقت، ولكنها ممكنة.

ositcom-web-development-in-lebanon

مباشر

عاجل

راديو اينوما