ماذا ينتظر الرئيس نبيه بري من عودة جان- إيف لودريان سوى تكرار ما قاله الأخير، عن ضرورة إيجاد مرشح ثالث، ما يعني سحب سليمان فرنجية من التداول؟

يستعمل رئيس المجلس أساليب السحر، للإيحاء بأنّ فرنسا ما زالت قادرة أو راغبة، بتغطية حواره غير المتوازن. لن يكون هناك أي معنى لانتظار لودريان، فقد قال الأخير كلمته، أمام الجميع، وخصوصاً أمام بري والنائب محمد رعد، ودخلت عبارته عميقاً في أذن الثنائي: المطلوب سحب سليمان فرنجية.

بري الذي يوهم الجميع، أنّه في وضعية الانتظار، ردّ على لودريان رافضاً سحب فرنجية، وكذلك فعل النائب محمد رعد. رفض الثنائي البحث بمرشح ثالث، فانتهت المبادرة الفرنسية الثالثة، ولم يعد باستطاعة فرنسا أن تغطّي حوار بري، لا سيما وأنّ الداعي إلى الحوار، متمسك بمرشحه، «حتى يوم الدين»، كما قال وفد «حزب الله» لفرنجية في بنشعي.

حمل لودريان رفض الثنائي، ورواه على مسمع من التقاهم من المعارضة، لكنه كرر الإصرار على سحب متوازن للمرشحين، أزعور وفرنجية، ولا يبدو أنّ لودريان قد صدمه الرفض المطلق لبري ورعد بسحب فرنجية. لقد كان الموفد الفرنسي يعرف أنّه يفاوض طرفاً، يهمه إحكام القبضة على الرئاسة والدولة.

في المرحلة التي تسبق خروج ملف المبادرة من يد فرنسا، وفي مرحلة ستشهد زيارة ربما تكون الأخيرة للودريان إلى بيروت، أمسكت مجموعة الخمس بخيوط اللعبة. أفهمت فرنسا، أنّ المبادرة من أجل المبادرة واستهلاك الوقت، أمر لم يعد مجدياً، وستكون الزيارة الأخيرة للودريان، المحطة الفصل، لمعرفة إذا ما كان «حزب الله»، يريد فك يده عن الاستحقاق الرئاسي، كل ذلك قبل أن تطلق اليد للعقوبات التي ستطال المعطلين.

في كواليس الاجتماع الخماسي في نيويورك، تفاهم بين فرنسا والدول الأربع، على أن يكون التشاور لا الحوار هو الموافق عليه. هذا يعني أن لا غطاء لطاولة بري، ولا غطاء لفيلم الحوار، المعد على وقع التمسك بترشيح فرنجية.

في كواليس الاجتماع الخماسي، أنّ فرنسا نطقت باسم المرشح الثالث، وأبلغت من يجب إبلاغه بهذا الإسم، وفي الكواليس أيضاً، أنّ الموفد القطري، طلب مهلة لمحاولة إقناع طهران، بالمرشح الثالث، وإقناعها أنّه لا يجوز إرسال محمد رعد للقاء قائد الجيش، ما يعني فتح ثغرة في الجدار المقفل، وإرساله في الوقت نفسه، إلى سليمان فرنجية للقول له «إننا نؤيدك إلى يوم الدين».

إقترب التوقيت الذي يملي على الأطراف فرز مواقفهم على طريقة الأبيض والأسود. تاريخ خروج قائد الجيش العماد جوزاف عون إلى التقاعد تاريخ مفصلي، لا يجوز شطبه من قائمة الأحداث التي سيسبقها الحسم.