وردًا على سؤال حول التصريحات الأخيرة للموفد الأميركي توم براك، أكد الرئيس عون أنها "مرفوضة من كافة اللبنانيين".

وعن امتعاض بعض النواب من طريقة ترسيم الحدود مع قبرص، قال: "في العام 2011 وضعت حكومة الرئيس ميقاتي قواعد الترسيم، وما قمنا به هو تثبيت هذه القواعد، وقد استشرنا هيئة التشريع والقضايا في ما إذا كانت هذه المعاهدة واجبة الإحالة إلى المجلس النيابي، فأتى الجواب بالنفي".

من جهة أخرى، أكد الرئيس عون أن "دور الإعلاميين أساسي، وهو قائم على التصرف بحرية مسؤولة، لأن الحرية المطلقة باتت توازي الفوضى، وتحت شعارها بات البعض يعتبر نفسه محصنًا وله الحق في اتهام الآخر من دون إثبات، وعبر التعرض للكرامات الشخصية"، متسائلًا: "كيف يمكن لأحد أن يكتب أمرًا غير مبني على وقائع حقيقية؟ فحدود حرية كل أحد تتوقف عند حدود حرية الآخر، ودور الإعلام الحقيقي هو تكوين وتصويب وتصحيح الرأي العام".

وجاء كلام رئيس الجمهورية خلال استقباله وفدًا من جمعية "إعلاميون من أجل الحرية" برئاسة رئيسها الإعلامي أسعد بشارة، الذي ألقى كلمة مقتضبة في مستهل اللقاء قال فيها: "نشكركم على استقبالكم لنا. نحن نأتي إلى هنا أولًا كمواطنين وتاليًا كإعلاميين، لأن المواطن أعلى مرتبة من الجميع في خدمة الوطن. نحن جمعية إعلاميون من أجل الحرية، نتحرك على إيقاع الحريات الإعلامية وكل ما يختص بالشأن الإعلامي، وتضم جمعيتنا صحافيين لبنانيين وعربًا من كبرى المؤسسات في العالم العربي".

وأضاف: "نزوركم اليوم على وقع مرحلة انتقالية صعبة جدًا يعيشها لبنان، وأنتم ربان السفينة. أتينا لنسمع منكم توجيهاتكم في كيفية المساعدة كقادة رأي، كوننا جنودًا ووسطاء بين الدولة والرأي العام".

وردّ الرئيس عون مرحّبًا بالوفد، مشددًا على أن "من أهم ميزات لبنان صحافته القائمة على الفكر والنقد البنّاء، لأن المطلوب هو عدم استغلال مفهوم الحرية"، وقال: "منذ كنت في قيادة الجيش إلى اليوم، لم أرفع دعوى بحق أي صحافي لأنني منسجم مع نفسي ومرتاح مع ضميري".

ودار حديث بين أعضاء الوفد ورئيس الجمهورية الذي رد على أسئلتهم، فأوضح ردًا على سؤال أن "زيارة الحبر الأعظم الأولى له منذ انتخابه قبل ستة أشهر، وزيارة أعضاء مجلس الأمن، التي ترافقت مع خطوة تعيين مدني في لجنة الميكانيزم، كلها إشارات إيجابية"، موضحًا أنه "في المفهوم العسكري الصرف، عندما يخوض أي جيش معركة ويصل فيها إلى طريق مسدود، يتم بعد ذلك الاتجاه إلى خيار التفاوض".

وتابع متسائلًا: "هل لبنان قادر بعد على تحمّل حرب جديدة؟ وإذا وضعنا خيار الذهاب إلى الحرب جانبًا، ما هو الخيار الآخر؟ أمامنا محتل لأرضنا ويستهدفنا كل يوم ولديه أسرى من أبنائنا، فكيف نحل الأمر سوى عبر التفاوض؟ والتاريخ مليء بالأمثلة".

وقال: "نحن منذ نحو سنة نقول بهذا الخيار، وقد وصلني خبر يوم السبت من الأميركيين قبل مجيء قداسة البابا يوم الأحد إلى بيروت، يفيد بأنهم توصلوا إلى خرق مع الإسرائيليين الذين وافقوا على وجود مدني في الناقورة ضمن لجنة الميكانيزم. هل نرفض هذه الفكرة؟".

وأضاف: "اخترت السفير سيمون كرم لأنه كان سفيرًا سابقًا في الولايات المتحدة الأميركية وشارك في مفاوضات مدريد السابقة. وقد استدعيته يوم الثلاثاء بعد مغادرة قداسة البابا، وبعد التشاور مع الرئيسين بري وسلام، وكان الجو الأوروبي والأميركي إيجابيًا لمجرد حضوره اجتماعات لجنة الميكانيزم".

وردًا على سؤال حول تصريحات الموفد الأميركي توم براك، قال الرئيس عون: "لا تضيعوا وقتكم بها، هي مرفوضة من كافة اللبنانيين".

وعن ترسيم الحدود مع قبرص، قال: "منذ العام 1943 لم ترسم الحكومات المتتالية الحدود مع أحد. وفي العام 2011 وضعت حكومة الرئيس ميقاتي قواعد الترسيم، ونحن ما قمنا به هو تثبيت هذه القواعد وتعديل الخط من الرقم 1 إلى الرقم 23. وقد استشرنا هيئة التشريع والقضايا فجاء الجواب بأن المعاهدة لا تحتاج إلى إحالتها إلى المجلس النيابي، ويكفي تكليف مجلس الوزراء أحد الوزراء للتوقيع".

وأضاف: "اتهمنا بأننا ضحينا بنحو 5 آلاف كيلومتر مربع، وعلى أي أساس يُقال ذلك؟ لقد اعتمدنا مبدأ الخط الوسط المعتمد في قوانين الترسيم البحري الدولية".

وسُئل عن تسوية العلاقات الدبلوماسية مع ليبيا بعد إطلاق سراح هنيبعل القذافي، فأشار إلى "وجوب حل قضية اختفاء الإمام موسى الصدر، وهو ملف حق، ومن حق اللبنانيين معرفة مصيره ومصير رفاقه".

وعن المساعدات الأميركية للجيش اللبناني، أوضح أن "هناك عدة برامج مساعدة، وكل منها يغطي جانبًا معينًا"، مشيرًا إلى أنه "للمرة الأولى يذكر في قرار رسمي وجوب مساعدة الجيش اللبناني، وهو أمر إيجابي وأساسي". ولفت إلى أن "هناك أصواتًا مؤثرة في الإدارة الأميركية تطالب بمساعدة الجيش، في مقابل أصوات لبنانية في الولايات المتحدة تحرض على عدم مساعدته".

وأكد أن مهمة الجيش "لا تقتصر على حصرية سلاح حزب الله، بل تشمل مكافحة المخدرات، محاربة الجماعات المسلحة، ضبط الحدود، وتأمين الأمن الداخلي"، مشيرًا إلى أن "25 ألف عسكري تولوا تأمين زيارة قداسة البابا".

وعن حصرية السلاح شمال الليطاني، أوضح أن القرار "اتخذ وبدأ تنفيذه منذ سنة"، لافتًا إلى أن "الجيش دفع شهداء من خيرة عناصره في هذه المهمة"، ومؤكدًا أن "القرار مطبق وسنستمر به".

وفي ما خص العلاقة مع سوريا، قال إن "العلاقات تتطور ببطء إلى الأفضل"، مشيرًا إلى أن "مطلب لبنان هو تفعيل الاتفاقية القضائية في ملف الموقوفين السوريين".

وأوضح أن "فرنسا زودت لبنان خرائط للحدود مع سوريا، واللجنة اللبنانية جاهزة للترسيم، على أن تُترك مزارع شبعا للمرحلة الأخيرة".

وأكد الرئيس عون إصراره على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، موضحًا أن "تحديد القانون يعود لمجلس النواب"، وأن "الحكومة أحالت مشروع قانون إلى المجلس النيابي".

وردًا على ما قيل عن التزام مزعوم قدمه لحزب الله قبل انتخابه حول استراتيجية دفاعية، قال: "فلينشروها الآن إذا كانت موجودة. لا اتفاق ولا ورقة موقعة. وكيف يمكن أن ألتزم بذلك، ثم ألقي بعد ساعة خطاب القسم الذي تعهدت فيه بحصرية السلاح؟".