09-10-2019
مقالات مختارة
الدكتور فريد البستاني
نائب لبناني، عضو في تكتل لبنان القوي
الأولى تجنُّب رد قانون الموازنة في لحظة مالية حرجة داخليا وخارجيا لا تحتمل رد الموازنة، والثانية حرص دستوري ووطني، مضمونه رد الخلاف من نقطة استقطاب طائفية حادة، ومن انفلات في الشارع، إلى مجلس النواب، وبعنوان مختلف هو تطبيق مادة دستورية، هي المادة 95 ووضعها قيد النقاش العاقل والهادئ، بعيداً من الإستقطاب الحاد والإنفعال واستنهاض العصبيات.
تعامل رئيس المجلس النيابي مع الرسالة الرئاسية، متفهّما أسبابها وهدفها، ومن ضمن الأصول الدستورية، فحدد جلسة عامة لمناقشتها في 17 من الشهر الجاري، وها هو الموعد يدق الأبواب، ولبنان في ذروة نقاشات محتدمة سياسية وطائفية، والوضع المالي يستثير موجات من الغضب يتردد صداها في الشارع بأشكال مختلفة، ويبدو التوافق السياسي على مستوى التعامل مع المشكلة المالية اولوية، من دونها يستحيل تخفيف ضغوطها، وبلورة الحد الأدنى اللازم من الإجراءات في التعامل معها، ونحن ندخل توقيت مناقشة موازنة 2020، ويمكن أي مسؤول تحسّس درجة التوتر الطائفي والسياسي التي سيثيرها نقاش مسألة بهذه الحساسية تتصل بالتوظيف ومعادلاته الطائفية، وسيكون الشارع شريكا فيها، فتتحول المنصة النيابية إلى منبر لاستثارة العصب الطائفي، تعويضاً للخسائر التي تصيب السياسيين ومنهم النواب، جراء الوضع الإقتصادي الصعب والأزمات المالية المتلاحقة.
ولأن القضية ليست اولوية راهنة بمقدار راهنية الوضعين المالي والإقتصادي، ومناقشاتهما في مناخات من الهدوء الطائفي والسياسي، فقد يكون الأفضل، كما أدى رئيس الجمهورية واجبه الدستوري بتسجيل الخلاف حول مضمون فهم المادة ونقل النقاش من الشارع إلى مجلس النواب، أن يؤدي المجلس واجبه الدستوري بالإستماع إلى رسالة رئيس الجمهورية وأن تتم تلاوتها وفقاً للأصول، وأن ينقل النقاش بعدها إلى لجنة من النواب يمثلون الكتل الاساسية، وتعطى صلاحية الإستعانة بدستوريين، والإستماع إلى النواب الذين شاركوا في اتفاق الطائف، ليكون النقاش عقلانيا ويأخذ وقته اللازم، خارج الحرارة التي ستترتب على فتح المنبر النيابي على الهواء أمام الشارع وما يستدرجه ذلك من خطاب شعبوي بعيد من العقلانية.
لقد خضت تجربة نقاش أوّلي للمادة 95 كتمرين دستوري بالتعاون مع الزميل ميشال معوض عبر ندوة أدارها النائب السابق غسان مخيبر بناء على طلبنا، بحضور ومشاركة نواب سابقين محترمين ومرموقين شاركوا في مناقشات اتفاق الطائف، ومشاركة رجال قانون ودستور مشهود لهم، واكتشفنا صعوبة التوصل الى فهم موحد ومشترك تجاه مبدأ تفسير المادة، ثم تجاه مضمون التفسير، وصعوبة التوصل الى رواية موحدة حول ما أراده الطائف من النص، وكل فريق من المشاركين في الطائف كان محكوماً بما ذهب يريده منه، ويرى نصوصه بهذه العين. لذلك نسجل الخشية من انزلاق النقاش النيابي المفتوح إلى مكان لا يلبي ما نريد ولا ما أراده رئيس الجمهورية من رسالته.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار