مباشر

عاجل

راديو اينوما

هل سيتمّ الإفراج عن الدولارات؟

15-09-2021

محليات

None

 

يشكّل مبلغ المليار و135 مليون دولار «الطازجة» الآتية من صندوق النقد صدمة بالمعنى الإيجابي، بغضّ النظر عمّا ستفعله منظومة الفسادبهذا المبلغ عند وصوله إلى أيديها. فقد مضت سنتان من القحط في لبنان، حيث لا دولارات من الأميركيين أو الأوروبيين أو العرب. فهل هذهالدفعة هي هدية فورية من المجتمع الدولي لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي؟ وهل هي فاتحة دفعات جديدة من الدولارات المحجوزة منذ 3 سنوات في غرفة العقوبات الدولية والعربية؟

 

 

 

واضح أنّ حكومة ميقاتي ليست حكومة الحل الكبير، بل هي حكومة تخفيف الوجع وإمرار الوقت في انتظار تسوية داخلية- إقليمية. لكنتخفيف الوجع، في بلدٍ منهار ومهترئ، يستلزم توفير جرعات الحدّ الأدنى من الدعم الدولي والعربي، أي رفع الحصار عن لبنان ضمن حدودمعينة.

 

 

 

 

 

الخناق الحالي منشأه ضغط مارسته إدارة الرئيس دونالد ترامب، وطلبت من الحلفاء الأوروبيين والعرب الالتزام به، بهدف إخضاع «حزبالله» وإيران. وقد بدأ هذا الضغط في العام 2017. وعندما حاول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تنفيسه بمؤتمر «سيدر»، تدخّل ترامبطالباً من الحلفاء والمؤسسات المانحة تجميد أي دعم حتى تحقيق هذا الهدف. وترافق ذلك مع ضغط سياسي هائل على الحكومة اللبنانيةآنذاك. والأبرز كانت «استقالة» الرئيس سعد الحريري في الرياض.

 

 

 

في صيف 2019، حاولت السلطة الإلتفاف على العقوبات الأميركية التي بدا السعوديون متحمسين لها. قام الحريري بزيارة صديقه ماكرونفي باريس مستنجداً، فكان الجواب بأنّ هناك فيتو أميركي يمنع فكّ الحجر عن مساعدات «سيدر».

 

 

 

بعد ذلك، جرّب حظه في الإمارات العربية المتحدة. والجميع يذكر كيف قام الجانب اللبناني، من طرف واحد، بإطلاق الشائعات عن وعودإماراتية بدعمٍ قيمته المليارات. لكن الإماراتيين أبلغوا الجانب اللبناني بضرورة التراجع فوراً عن هذا الكلام. فاضطر لبنان من جانبه إلىإصدار النفي.

 

 

 

واقعياً، يئست المنظومة آنذاك من محاولاتها الحصول على الدعم المالي الخارجي الذي كانت تعيش عليه وتستمر. ولذلك انفجرت «الثورة» في17 تشرين الأول 2019. ولكن، بعد عامين، ثبت أنّ أسلوب «إقفال حنفية الدولارات» العربية والدولية خنقت لبنان، لكنها لم تخنق «حزب الله» الذي استمر في الحصول على دولاراته.

 

 

 

ضغط الأميركيون والعرب لإسقاط حكومة الحريري سعياً إلى حكومة مستقلة عن نفوذ «حزب الله». لكن «الحزب» عطّل أي محاولة لقيامحكومة من هذا النوع، ونجح في ابتكار الهوية «الملتبسة» لحكومة الرئيس حسّان دياب، من رئيسها إلى غالبية وزرائها. وقد تبيَّن في النهايةأنّها خاضعة لمعايير «الحزب» وتحت سيطرته.

 

 

 

اليوم، يتكرّر النموذج. لكن الفارق هو أنّ العقوبات التي استمرت خلال حكومة دياب ربما تُرفع. وإذا حصل ذلك فستكون حكومة ميقاتي أمامفرصة لاستعادة النموذج القديم، السابق لعقوبات ترامب، أي الحصول على الدولارات من الخارج، بلا إصلاح.

 

 

 

وتبيَّن أنّ الإصلاح ممنوع، وأنّ منظومة الفساد مستعدة لإيصال البلد إلى الموت جوعاً وقهراً وإحباطاً ، بل إلى فتنة طائفية ومذهبية، على أنتلتزم شروط الإصلاح التي تشكّل مقتلاً لها ونهاية.

 

 

 

والرئيس ميقاتي نفسه، عند الإعلان عن ولادة الحكومة، أورد عنوان الإصلاح عرَضاً ضمن لائحة طويلة، ولم يجعل منه ركيزة حتمية لبناءالعناوين الأخرى.

 

 

 

في عبارة أخرى، الإصلاح مؤجّل. ولن يخرج لبنان من النموذج الذي أوصله إلى الخراب: الدولارات لا تأتي من الخارج بالإنتاج، بل بتسوّلالمساعدات والمزيد من الديون الواردة من المانحين العرب والأجانب والمؤسسات الدولية، من دون شفافية، والتي تُنهَب بغالبيتها.

 

 

 

ربما يُقال إنّ المجتمع الدولي «استسلم» وسئم مطالبة لبنان بالإصلاح. لكن الأدق هو أنّ الغربيين والعرب ليسوا تماماً حريصين علىالشفافية وبناء دولة مؤسسات في لبنان، من أجل عيون اللبنانيين. وكل ما في الأمر هو أنّ الإصلاح يشكّل مدخلاً لرفع نفوذ «حزب الله» عنالدولة.

 

 

 

ولكن، إذا توافق الأميركيون والإيرانيون في لبنان أو على لبنان، هل يبقى الإصلاح مطلباً حيوياً أو يصبح أمراً هامشياً يعود إلى اللبنانيينأنفسهم أن يقرِّروا: هل يرغبون في تحقيقه أو لا؟

 

 

 

ستكون حكومة ميقاتي أمام «حظّ» قبول المجتمع الدولي والعرب برفع حصارهم عن لبنان، و»السلام على الإصلاحات». وسيكون الأمر رهناًبقرار واشنطن.

 

 

 

وإذا صدرت الإشارات إلى الحلفاء بالتسهيل في 2021، كما صدرت بالتشدُّد في 2018، فستكون لدى حكومة ميقاتي فرصة الحصول علىدولارات «طازجة». وسيعيد الخليجيون جميعاً فتح حنفية الدولارات، وتتحرَّر أموال «سيدر».

 

 

 

هل المطلوب وقفُ الانهيار وتحضير العدّة لإعادة البناء؟ أم إنّ الحكومة هي حُقنةُ مخدِّر هدفها تخفيف الألم وكبح انهيار بدأ يتفلَّت منالضوابط؟ إنّها مسألة أيام أو أسابيع قليلة وتتَّضح الصورة.

This website is powered by NewsYa, a News and Media
Publishing Solution By OSITCOM

Copyrights © 2023 All Rights Reserved.