مباشر

عاجل

راديو اينوما

ositcom-web-development-in-lebanon

هذا ليس محمود درويش يا كارول سماحة

25-02-2023

Enooma Stars

|

المدن

السوشال ميديا. تلك التي تأتي كل واحدة بتصميم أسوأ من الآخر، مع توقيعه، هو الذي لم يعد بيننا لينفي. ثم أنها ليست منسوبة له وحده. يشاركه في حقوق القصيدة، مناصفة تقريباً، جبران خليل جبران شخصياً. ومع أنهما ليسا يتنازعان عليها الآن حيث هما في السماء، وقد يكونان منشغلين بحوار أرقى، فلا شيء على الأرض يثبت، لحسن حظيهما، أنها لأي منهما. لا مصدر موثوقاً يؤكد أن القصيدة لمحمود درويش، ولا كارول سماحة ولا الجهة المسؤولة عن إرث محمود درويش، كائناً ما كانت، تبرعتا بأن تشرحا لنا سر هذا الخلط بين قصيدتين. بناء على أي مذهب فني تم اقتطاع جزء من قصيدة ودمجها في ثانية مجهولة الشاعر؟ بناء على أي شكل من أشكال العيب تم التلاعب بلغة محمود درويش هنا؟ لا نعلم. مع الاحتفاظ بهامش الخطأ، يمكن لهذه السطور أن تجزم أن محمود درويش لم يكتب "ستنتهي الحرب"، وأنها واحدة أخرى من آلاف المقولات التي تنسب زوراً للشاعر وترمى على الإنترنت بكل ما استطاع الفوتوشوب من ورود وقلوب ودموع وقباحة لا تحتمل. ليست له. الأغنية صورة سوشال ميديا أخرى، مغنّاة هذه المرّة. هذا مؤسف، لأن الآلاف بدأوا من الآن يكيلون مديحاً للأغنية والمغنية. يظنون أن محمود درويش كتب حقاً مثل هذا الشعر. ليس بمثل هذه الخفة يُعامل محمود درويش. ليس مفترضاً به، على الرغم من رحيله، ألا تكون له الكلمة الأخيرة في ما كتب. محمود درويش ليس قامةً عربية وعالمية أدبية عظيمة فحسب. محمود درويش أبعد من ذلك. درويش كاتب سيرة فلسطين وكاتب سيرة اللغة العربية في القرن العشرين. درويش شكّل لغتنا. كتبنا نحن الذين نحب الكلمات. علّمنا لغتنا. علّمنا كيف نكتب. محمود درويش معلّمنا. كان أحسن لو يُترك هناك، يغني قصائده الأخيرة بصوته مع الثلاثي جبران، لو ترك لدواوينه الصادرة عن دار رياض نجيب الريس، للمهرجان الذي حضره يوماً أبو عمار ورفاقه وألقى فيه قصيدة مديح الظل العالي.. في النواح على بيروت وفي حبها الأبدي. كان أحسن لو بقي في الذاكرة كما هو. كان أحسن لو ترك لمارسيل خليفة. هذان كانا ثنائيين. كانا صديقين حميمين. واحد يكتب والثاني يلحن ويغني. يصنعان معاً ذاكرة وحنيناً وقضايا وعمقاً. محمود درويش كتاب مفتوح على تاريخ العرب الحديث وعلى رقّة اللغة وجمالها معاً. على الأدب كأدب. ليس هكذا يعامل، ليس لأجله، لأن لا شيء الآن سينتقص من اسطورته، بل لأجل لغتنا.. لأجل هذه الحكاية المديدة.. لأجلنا. فقط لو أنه تُرك لنا، نحن الذين نعلم من هو وكيف نقرأه ونسمعه ونراه. نعلم ماذا ترك فينا. لو تُرك لشأنه وشأن لغته الطرية. لو، فقط، تُرك كما شاء أن يُترك.
ositcom-web-development-in-lebanon

مباشر

عاجل

راديو اينوما